السبت، ٢٤ نيسان ٢٠١٠

ماذا قال مار نسطورس عن سر التجسد ؟

ماذا قال مار نسطورس عن سر التجسد ؟


الشماس جورج ايشو

قبل الدخول في صلب الموضوع وتعريف المصطلحات اللاهوتية العميقة التي جاء بها القديس مار نسطورس خاصة والمدرسة الإنطاكية عامة لتفسير سر التجسد، هذا سر العظيم الذي يتحدث عنه الطوباوي مار بولس في رسالته إلى تيموثاوس حيث يقول " عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد" أود أن أناشد الآباء الروحيين لكنيسة المشرق* الذين يحتضنون هذه التعاليم السامية التي سارت الكنيسة على نهجها منذ الباطريرك الأول القديس مار ادي تلميذ المسيح والى يوما هذا، أود أن أناشدهم أن يردعوا كل جهة او انسان يشوه هذه التعاليم المقدسة وان يشرحوا التعابير العميقة التي استعملها الآباء لوصف سر تجسد المسيح عن طريق القنوات الفضائية بدلا من التحدث عن السياسة وعن أمور محاذاة إلى اليمينلا تخدم مصلحة الكنيسة الروحي، فهناك على سبيل المثال قناة عشتار، فلا أظن ان إدارة القناة سوف تمنع أي شخص من التحدث عن أمور كنسية تخدم الجانب الروحي للإنسان المسيحي الذي لا يمكن بل لا يجوز إغفاله مهما كانت تضيق بينا الدنيا، وهناك أيضاً مواقع عديدة لأبناء هذه الكنيسة المقدسة نستطيع ان ننشر ونردع كل جهة او شخص يشوه هذه التعليم.

سر التجسد للقديس مار نسطورس

بعد الحوار الذي دار بيننا وبين بعض الإخوة الأحبة من الكنيسة القبطية رائينا انه من واجبنا ان نبين الفكرة الخاطئة التي يعتقدها هؤلاء الأحبة اتجاه القديس مار نسطورس وما جاء به من مصطلحات عميق جعلتهم يتخذون موقفا سلبيا اتجاهه منذ عصر الانشقاق الذي أحدثه مار كيرلس في كنيسة الله والى يومنا هذا، حيث أنهم يقولون بان مار نسطورس جعل في المسيح اقنومان منفصلان ومتمايزان، ولا يعترف بان المسيح هو الله، ويعتبر أن العلاقة بين اللاهوت والناسوت هي مجرد اتصال Conjunction ونحن بدورنا قد تحدثنا في مقال سابق نشرناه في موقع شبكة الشعاع الاشوري تحت عنوان "القديس مار نسطورس" وقد قدما بحثا بسيط عن هذا القديس والرد على التهم المنسوية إليه ظلما، و سوف نحاول بمشيئة الرب ان نعيد ما قلناه في المقال عن تلك التهم ونزيد عليها.

جعل في المسيح اقنومان منفصلان ومتمايزان

قبل كل شيء يجب أن نعرف بأننا نؤمن بطبيعة إلهية واحدة أزلية (الله) بلا بداية، ونعترف به في ثلاث اقانيم مقدسة الاب والابن والروح القدس طبيعة ثلاثية الاقانيم جوهريا واقانيم أحادية الطبيعة اللامتناهية ليس بينها اختلاف (تميز) قط ما خلا الخواص المميزة لاقانيمها: الأبوة، البنوة، الانبثاقة.
ولكن أريد ان أقول شيء هل نحن نفصل الاقانيم الثلاثة الاب، والابن، والروح القدس، عندما نقول اقنوم الأب اقنوم الابن واقنوم الروح القدس؟ ام الاقانيم تامة في الوهية واحدة؟ كما ان الاقانيم واحدة في كل شيء وغير منفصلة كذلك الاقنومان في السيد المسيح غير منفصلان ولكن متمايزان فعندما بصق السيد المسيح على الأرض، وجبل من البصق طيناً، وبإصبعه المقدسة التي بها اخذ الطين من على الارض ووضعه على وجه الأعمى منذ الولادة (يوحنا 9،6) فواضح بان هذا البصاق المرسل من فمه هو مادة متكونة في الجسد، وان الإصبع المكون من عظم ولحم وعضلة وشرايين وجلد، تخص كلها الطبيعة البشرية، ولكن الذي أعطى النور للأعمى هي الطبيعة الالهية المخفية في الجسد. وان الاقنومان كما هو واضح في مثال الكتاب المقدس غير منفصلان عن المسيح، ولكن متمايزان من غير انفصال. وأيضاً في (نحن نأكل ناسوته وليس لاهوته كما قلها البابا شنودة) فهذا لا يعني أبدا ان البابا يفصل، لكنه يمز هذا عن ذك.


لا يعترف بان المسيح هو الله

ان هذه التهمة نُسبت الى القديس بعد ان اقر ان العذراء الطاهرة مريم لا يجوز ان تـُدعا والدة الله بل والدة المسيح

نحن قلنا مسبقا في المقال الذي اشرنا اليه سلفا، انه وجدت في تلك العصور هراطقة عدة من بينها السيموساطية والأبوليناريية، فلسيموساطية وباختصار شديد: مذهب يعترف بالمسيح كانسان فقط، وينكر إلوهية.
والأبوليناريية: مذهب يعترف بالمسيح كالاه فقط، ولا يعترف بناسوته ، فكان السيموساطين يدعون القديسة مريم والدة يسوع (الناسوت) والأبوليناريين يدعونها والدة الله (اللاهوت)
ان القديس نسطورس رفض كما رفض من منْ قبله تسمية مريم العذراء والدة الله (theotokos) لكي لا يبطل ناسوت المسيح، ولم يقل والدة ناسوته (Anthropotokos) لكي لا يبطل لاهوته، وفضل تسمية والدة المسيح (Christotokos)، فان إلوهيته وبشريته متحدان في شخص المسيح. فعندما نقول طبيعتان، قنومان، في شخص، هذا يدل على تحفظ كل طبيعة باقنومها، ويعني الطبيعة الإلوهية والطبيعة البشرية متحدتان في شخص المسيح، لذلك تجنب مار نسطورس ان يدعوها والدة الله لا لنكران إلوهيته (حاشا) ولكن لكي لا يقع في فخ أبوليناريين الذي ينكر ناسوته، وأيضاً تجنب ان يدعوها والدة الناسوت لا لينكر ناسوته، ولكن لكي لا يشارك بولس السيموساطي أفكاره الكافرة التي تنكر لاهوته، وهذا دليل واضح على ان القديس لم يكفر بإلوهية المسيح، وفي موضع آخر نستطيع ان نقول بان شخص اسمه أشور، طبيب في احد المستشفيات، آتى إليه مريض وضربه كفا على خديه! هل هذا يعني انه ضرب الدكتور فقط، ام انه ضرب أشور الدكتور؟ بينما ان اشور هو دكتوراً والدكتوراه شيء غير منظور لكنها متحدة وغير منفصلة باسم اشور فان الذي ضرب الكف على خد اشور فانه ضرب أشور الدكتور، وهذا لا يمنع ابدا بان نقول ان والدة اشور الدكتور هي والدة (أشور الدكتور). وليس والدة الدكتور فقط!

يعتبر أن العلاقة بين اللاهوت والناسوت هي مجرد اتصال Conjunction
يقول الكتاب المقدس في انجيل يوحنا19:14 "انقضوا هذا الهيكل، وأنا في ثلاثة أيام اقيمه" فماذا يعني "الهيكل" و "انا" سوى الطبيعيتين الاقنومين. فالهيكل مكون من الجسد والنفس، الذي هو منظور وقابل الانحلال، من جهة، ومن الاخرى، الله اللامنظور الذي يقيم الجسد لتوطيد الرجاء وخلاص الناس جميعاً

ان كلمة Conjunction استعملها مار نسطورس فقط لكي يبرهن للهراطقة ان الطبيعتين غير ممتزجتين ومختلطتين، لذلك فقد نوه قائلا: "لا احد يقدر ان يقول بان كلمة الله مخلوقة، وناسوته غير كامل"
(راجع
Nestoriuse and his teaching صفحة91 )
وفي نفس المصدر صفحة 85 يؤكد مار نسطورس الاتحاد بقوله: إنا أدعو المسيح اله كامل وإنسان كامل بغير امتزاج الطبيعتين، وقد استعمل مصطلح united""، ويقول مؤلف الكتاب بان مصطلح union مُستعمل من قبل نسطورس كثيراً في كتابه Bazaar of Heraclides وللمزيد راجع كتاب Nestoriuse and his teaching.
ويدافع المؤرخ الكنسي سقراط عن هذا التعليم نقلاً عن كتاب The Church of the East) صفحة 259) للأسقف مار باوي سورو بقوله: " لم يكن يحمل أفكار بولس السمسوطي او فوتنيوس، ولم يقل ان السيد المسيح هو إنسان عادي، ولكنه رفضا فقط تسمية والدة الله".

نعمة الرب يسوع المسيح تكون معنا جميعا امين


*التابعون للايمان الأرثوذكسي

ليست هناك تعليقات: